و(عبد الحي) صامت، لا يستجيب لأحد، بصره معلق بأبيه..لم يكن يعرف أنه يكن لأبيه كل هذا الحب..يجلس طوال الوقت في انتظار نهاية أبيه، فالرائحة مازالت موجودة..وهي الآن تفوح بشكل أقوى من أي وقت مضى..كأن الرائحة تنبع من داخله..اشتم (عبد الحي) أباه، فلم يجد الرائحة، اشتم جميع أفراد الأسرة فردًا فردًا، لكن الرائحة لم تكن تفوح منهم..الرائحة في البيت، ولكنها لا تفوح من أهل البيت..كان (عبد الحي) منهك من طول طريق السفر..اتكأ على سريره بجوار أبيه، غالبه النعاس، أصبح بين الصحوة والغفوة.. ولكنه أفاق على الرائحة..اشتم سريره.. إنها الرائحة..اشتم ثيابه..إنها الرائحة..اشتم نفسه..إنها الرائحة..رائحة الموت..