في أعقاب الحرب العالمية الثانية، انصب اهتمام الاقتصاديين بالدرجة الأولى على النمو في الإنتاج كدليل على التقدم، وبخاصة على التصنيع والتجارة على اعتبارهما بمثابة محددين للنمو. ولقد أهملت النماذج الاقتصادية النظامية عمومًا أي اهتمام «برأس المال البشري» كمحدد للنمو الاقتصادي. وقد تغير هذا تدريجيًّا، فقد أشار عدد متزايد من المحللين إلى وجود دليل على أن رأس المال البشري بخاصة التعليم والصحة له فوائد اقتصادية هامة لأفراد المجتمع كافة.

إن الديمغرافيا المنهجية تدرس حجم السكان وتوزيعهم وتركيبهم والتغيرات التي تطرأ عليهم، ويشمل الحجم ببساطة عدد الوحدات (الأفراد) التي يتكون منها السكان، ويشير التوزيع إلى ترتيب السكان من حيث المكان والزمان، ويدخل ضمن ذلك التوزيع الحضري– الريفي خلال فترة زمنية محددة. ويتضمن تركيب السكان بعض الخصائص الديمغرافية كالعمر والجنس والحالة الزواجية. أما التغير فيدل على الزيادة أو النقصان الحاصل في مجموع السكان أو أحد العناصر المكونة له. وتضم عناصر التغير في مجموع السكان الولادات والوفيات والهجرات والحراك الاجتماعي والجغرافي.

فهذا الكتاب يهدف إلى عرض ميدان الديمغرافيا كعلم قائم بذاته، وهذا لا يمكن تحقيقه بمجرد دراسة المشاكل السكانية، بل يتطلب أولاً وقبل كل شيء فهم الحقائق والمبادئ السكانية كوسيلة لمعرفة المشاكل السكانية.